معجزة: القرآن يتوعد أبا لهب

تعجبت من أحد المتابعين الملحدين لما راسلني يقول: كيف لهذا الخالق العظيم أن يهدد ويتوعد رجلا و"حرمته"؟

إنه يعترض على صحة القرآن ويستدل على عدم صحته بأن الخالق سبحانه يتوعد أبا لهب وامرأته بجهنم! ولا أدري كيف وجد عقله تعارضا في أن الخالق يتوعد رجلا يؤذي رسوله ويسخر منه وهو بكامل قواه وحريته واختياره!

لكني ألاحظ أن الكثير من الملحدين يستخدم خياله وهواه أكثر من استخدامه عقله، ولو كان هذا المعترض يستخدم عقله ولديه معرفة بسيطة بالإسلام لاكتشف المعجزة الحقيقية في هذه السورة.. فما هي هذه المعجزة؟

من المعروف أن الإسلام يَجُبّ ما قبله، والكافر إذا دخل الإسلام فلا يحاسب على كفره، وتجري عليه الأحكام التي تجري على المسلمين. ومن المعلوم أيضا أن المسلم المُعيّن لا يمكن الحكم عليه بالنار (المعيّن هو الذي حددت هويته واسمه شخصيا). وكان هذا كله معروفا عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم نزلت سورة المسد، وفيها أن أبا لهب من أهل النار:

تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ(1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ(2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ(3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ(4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ(5).

هذا ليس مجرد خبر، وإنما هو قرآن يتلوه صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم كل يوم.. ومقتضى الآيات أن أبا لهب سيموت كافرا، إذ أن دخوله الإسلام حتى لو كان نفاقا وكذبا فإنه سينقض هذه الآيات تماما!

ليس على أبي لهب سوى أن ينطق بالشهادة فيوجه ضربة على هذا الدين الوليد قد تقضي عليه..

لم تكن فرصة خاطفة لأبي لهب.. وإنما كان العرض قائما عشر سنوات كاملة لكي يهدم الدين الجديد ويقضي على الإسلام بكلمة، ولكنه لم يستطع!

كيف سيكون موقف المسلمين لو نطق أبو لهب بالشهادتين وأعلن إسلامه ثم وقف بينهم في الصلاة والإمام يتلو هذه السورة؟ أي تناقض سيجده المسلمون في أنفسهم حينئذ؟

لكن ما الذي منع أبا لهب لعشر سنين من فعل ذلك، مع أن الأمر لا يحتاج إلى ذكاء؟ والسورة تطرق سمعه وسمع امرأته كل يوم؟

هذا النوع من التحدي لا تجده إلا في القرآن الكريم.. وهو موجود في آيات عديدة، لا يجدها إلا المتأمل المتدبر.


شارك هذه الصفحة مع الناس، فواللهِ لَأن يُهدى بك رجلٌ واحدٌ خيرٌ لك من حُمْرِ النَّعَمِ.