مفارقة عجيبة عند المهتمين بنشر الشبهات

لقد أصبح قيام الملحد أو المُنصر بعرض الشبهات في الإسلام أمرا مقززا بالفعل!

مقزز لأن نفس المصدر الذي تنقل منه الشبهة يوجد به أدلة لا حصر لها على صحة الرسالة.

فإذا سلمت بالأثر الذي أوردت منه شبهتك فإن عليك التسليم بنفس الأثر التي يؤكد ثبوت نبوته صلى الله عليه وسلم.

فمثلاً في كتاب الله عز وجل تحدى القرآن اليهود أن يتمنوا الموت فلم يفعلوا.. "قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ﴿٦﴾ ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ﴿٧﴾" سورة الجمعة. فما تمنوا الموت أبداً، لأنهم يعلمون أنهم لو تمنّوه لماتوا من ساعتهم، مع الاقتضاء والمطالبة التي تدفع لجواب التحدي. يقول القاضي عبد الجبار: "لا يتمنون ذلك مع خفته وسهولته، ومع علمه صلى الله عليه وسلم بشدة حرصهم على تكذيبه وفضيحته.. ولم يقل هذا من عندي بل قال هذا من عند ربي وإلهي وإلهكم الذي يعلم سركم وجهركم، وهذا أشد على اليهود من تحديه للعرب بمثل القرآن، وهذا مقام لا يبديه النبي صلى الله عليه وسلم إلا مع اليقين. وقد تحير الملاحدة وأعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم لماذا لم يتمنَ اليهود الموت زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُكذبوه بذلك فيستريحون ويُريحون."

وفي السنة المطهرة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة عمرَ وعثمانَ وعلي وطلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين، وأنهم لن يموتوا على فُرُشِهم أو سواه مما يموت به الناس. فقد صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء ذات يوم هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُ وطلحةُ والزبيرُ، فتحركت الصخرة، فقال صلى الله عليه وسلم: "اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديقٌ أو شهيد." رواه مسلم.

فشهد صلى الله عليه وسلم لنفسه بالنبوة، ولأبي بكرٍ بالصديقية، ولعثمانَ وعليَ وطلحةَ بالشهادة وقد كان.

وأخبر صلى الله عليه وسلم بموت النجاشي في أرض الحبشة في يوم وفاته، وهذا خبرٌ تحمله الركبان يومذاك في شهرٍ. يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصفّ بهم، وكبر أربعاً.ً" رواه البخاري.

أما أحاديث المعجزات التي انتقلت إلينا بالتواتر، وهو أعلى درجات الصحة على الإطلاق بدرجة نقل القرآن الكريم، فهي مما لا تشكيك في صحة نقلها، ومنها حديث نبع الماء بين أصابعه الشريفة صلى الله عليه وسلم، فهو من المتواتر الذي شهده جمعٌ كبيرٌ من الصحابة ونقلوه إلى مئات التابعين، فقد توضأ ألف وخمسمائة صحابي وشربوا من الماء الذي نبع بين أصابعه الشريفة صلى الله عليه وسلم، وقالوا لو كنا مائة ألفٍ لكفانا.

وقد روى الحديث جمعٌ غفيرٌ ممن يُحرمون الكذب ويرونه فاحشة فكيف يجتمعون على الكذب في خبرٍ كهذا؟

أما تكثير الطعام اليسير ليطعم منه الجيش العظيم فقد جاءت به الأخبار المتواترة عن الصحابة ثم من بعدهم.

وذكر البخاري وحده أخبار تكثير الطعام على يديه صلى الله عليه وسلم في خمسة مواضع من صحيحه. تخيل!

وأخبر صلى الله عليه وسلم، والحديث في أعلى درجات الصحة رواه البخاري ومسلم، أم حرام بنت ملحان أن أُناسًا من أمته سيركبون البحر غزاةً في سبيل الله، وستكون هي أول الشهداء في غزاة البحر. وقد كان كما أخبر صلى الله عليه وسلم، حيث ركبت البحر في خلافة عثمان بن عفان وماتت شهيدةً ودفنت هناك، وجامع أم حرام في قبرص معروفٌ إلى اليوم!

هذه فقط ومضة من أدلة النبوة التي لا تنتهي!

إن مجرد إيراد الملحدين الشبهات على الإسلام يجب أن يكون محيرا لو اعتبرناهم من العقلاء، فكيف لملحد أن يأتي بشبهة وفي نفس المصادر وبأعلى درجات الوثوقية الأدلة القاطعة على صحة الرسالة!

فليتأمل الباحث عن الحق!

الدكتور طلعت هيثم.


شارك هذه الصفحة مع الناس، فواللهِ لَأن يُهدى بك رجلٌ واحدٌ خيرٌ لك من حُمْرِ النَّعَمِ.