الاعتراض على ذبح الأنعام

شعور مختلف

بعض الناس قد تأخذه شفقة مبالغ فيها في ذبح الحيوانات، والعلمانيون والملاحدة يجمعون بطبيعتهم الأفكار الشاذة فيروجون لهذه القضية.

الحيوان شعوره مختلف تماماً عما نتصور، فهو يساق للذبح في هدوء وسكينة حتى صارت سكينته لحظة الذبح مضرب المثل في الوداعة: "كشاةٍ تساق للذبح".

وشكل الاستجابة للألم عند الحيوان هو شكل انقباضي آلي لا يحمل توجعا شعوريا مستقبليا ولا تأملا استرجاعيا للألم فيما بعد. بل إن حقيقة افتراس الحيوانات بعضها لبعض غير مؤلم كما نتخيل بالقياس على طبيعتنا نحن البشر.

تقول عالمة الإثولوجيا البريطانية جين غودال Jane Goodall: "إن افتراس الحيوانات الضارية للضحايا غير مؤلم كما نتخيل." (Innocent killers, P.13)

وتقطيع أجزاء ضخمة من سمك القرش أثناء اشتباكاته قد يكون لطيفًا وغير مؤلم بالمرة، وأغلبها لا تعاني اضطرابا يُذكر ولا تدرك أن خطرًا كبيرًا أصابها. (H. David Baldrige, shark attack, p.222)

هذه حقيقة يُسجلها العلم، فالحيوان لا يراكم الألم ولا يسترجعه ولا يتأمله. الحيوان تجاربه آنية وقتية لكنه يوفر إدراكًا لاشعوريا يسيرا في ذاكرته يجعله يتفادى تكرار نفس الأمر في المستقبل. (Leslie Pearce Williams, a life in natural history, p.245)

لكن قد يقول قائل: إذا كان ألم الحيوان بسيطًا ويسيرًا فلماذا يتألم بالأساس؟ الألم البسيط هي شيء جوهري أودعه الله في الحيوان كآلية لتوليد إدراك شعوري يحميه مستقبلاً من تكرار نفس الحادث، فالحيوان الذي تلسعه النار لن يقترب منها مرة أخرى، والذي يقع في حفرة سيكون حذرًا في المرات القادمة.

تحريم تعذيب الحيوان

نادى الإسلام بالرحمة مع الطير والحيوان، فلا يجوز تعذيب الحيوان أو تجويعه أو تكليفه ما لا يطيق، ولا اتخاذه هدفا يرمى إليه، بل حرم الإسلام لعن الحيوان، وهو أمر لم ترق إليه البشرية في أي وقت من الأوقات، ولا حتى في عصرنا الحاضر.

لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ ذوات الأرواح غرضا يُتعلم فيه الرمي، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا". رواه مسلم.

ومن رحمته صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يحول أحد بين حيوان أو طير وبين ولده، فقال صلى الله عليه وسلم لمن أخذوا فرخين لطائر: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها". رواه أبو داود.

ونهى صلى الله عليه وسلم عن المُثْلة بالحيوان، وهو قطع قطعة من أطرافه وهو حي، ولعَن من فعل ذلك، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن "النبي صلى الله عليه وسلم لعن من مَثَّل بالحيوان". رواه البخاري.

ثواب الرحمة بالحيوان

وفي المقابل للرحمة بالحيوان في الإسلام عظيم الأجر، فقد دخلت بغي من بغايا بني إسرائيل الجنة في كلب سقته، ودخلت امرأة النار في هرة أجاعتها كما في صحيح مسلم.

ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالإحسان إلى البهيمة حال ذبحها، وأثنى على من فعل ذلك، بل ونهى أن تُحد آلة الذبح أمامها.

قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته". رواه مسلم.

وعن معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنهما أن رجلا قال: "يا رسول الله إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، فقال: والشاة إن رحمتها رحمك الله". رواه أحمد.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا أضجع شاة وهو يحد شفرته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أتريد أن تميتها موتات، هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها". رواه الحاكم.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رحم ولو ذبيحة عصفور، رحمه الله يوم القيامة." رواه الطبراني.

تناقض الملحد

أما الملحد الذي يرفض أن يأكل اللحوم لأنها كائنات حية مثلنا على نفس شجرة التطور فمصيبته مصيبة؛ لأنه جمع كل غباء البشر! فكل مأكول في الأرض هو نتاج حياة.

ثم لماذا يأكل هذا الملحد النبات ويرفض الحيوان؟ هل نزع الحياة عن النبات؟ وهل جَهِل أن الذي يعطي الحيوان حقوقًا تطورية يضطر إلى أن يعطي نفس الحقوق للنباتات؟

سويسرا تفرض قانونا يمنع إهانة النباتات!
فهل جهِل أن النبات درجة من درجات التطور؟ أم أنه يؤمن ببعض الإلحاد ويكفر ببعض؟
وهلا توقف عن التبرز لئلا يقتل الطفيليات التي تموت بالتبرز؟
وهلا توقف عن الاستحمام لئلا يقتل المستعمرات البكترية التي تهلك بالاستحمام؟
حين تخالف الدين ينهار عليك سقف العقل!

د. هيثم طلعت


شارك هذه الصفحة مع الناس، فواللهِ لَأن يُهدى بك رجلٌ واحدٌ خيرٌ لك من حُمْرِ النَّعَمِ.