المغالطات المنطقية
Logical Fallacies
مقدمة عن الاستدلال الاستنباطي (Deductive Reasoning)
للاستدلال المنطقي عدة أنواع كالاستدلال الاستنباطي والاستدلال التمثيلي والاستدلال الاستقرائي، لكن يهمنا هنا الاستدلال الاستنباطي، لأنه هو المستخدم غالبا في مجالات النقاش، وهو يسير من العام إلى الخاص، ويقوم على استخلاص نتيجة (ن) من خلال مقدمات (م1، م2،...) إما أن تكون مثبتة أو أنها مسلّمات. وبعبارة أخرى: الاستدلال المنطقي الاستنباطي هو الخروج من المقدمات المنطقية بنتائج حتمية وحيدة غير قابلة للاحتمالات. أمثلة:
- م1: كل الفلزات تتمدد بالحرارة، م2: الحديد فلز، ن: الحديد يتمدد بالحرارة.
- م1: إذا أمطرت السماء فهي ملبدة بالغيوم، م2: السماء تمطر الآن، ن: السماء الآن ملبدة بالغيوم.
مثال على إثبات وجود الخالق بالاستدلال الاستنباطي:
أولا- مقدمة1: كل شيء له بداية مطلقة فهو وجد من العدم، مقدمة2: الكون له بداية مطلقة (حقيقة علمية)، نتيجة1: الكون وجد من العدم.
ثانيا- مقدمة1: القائم بالفعل يجب أن يكون موجودا قبل قيام الفعل، مقدمة2: الكون لم يكن موجودا قبل فعل الوجود، النتيجة2: الكون لم يوجد نفسه.
ثالثا- مقدمة1: كل فعل يحتاج إلى فاعل (حقيقة علمية)، مقدمة2: وجود الكون من العدم فعل، نتيجة3: يوجد فاعل سابق لوجود الكون.
هذه النتائج الثلاث هي نتائج منطقية حتمية مثبتة واجبة وليس لها بدائل.. أي أنه لا يوجد فيها أي طعن ولا يمكن استبعادها.
سنعتبر هذه النتائج مقدمات لنخلص للنتيجة النهائية:
مقدمة1: الكون وجد من العدم، مقدمة2: الكون لم يوجد نفسه، مقدمة3: يوجد فاعل سابق لوجود الكون، نتيجة4: يوجد خالق للكون.
وهذا هو المطلوب إثباته.
وفي المنطق يجب إذا وصلنا إلى نتيجة مثبتة غير قابلة للنقاش أن نحترمها لأنه لا يمكن الوصول إلى نتيجة أخرى تناقضها أبدا إذا كان استدلالنا صحيحا.
يبقى السؤال الذي يطرح أحيانا: هل للخالق خالق؟
وهذا سؤال خاطئ للأسباب التالية:
- قبول هذا السؤال يوقعنا فيما يسمى بـ "الدور" أو "الاستدلال الدائري" (circular reasoning) وهذه من المغالطات المنطقية كما سنرى، حيث تكون النتيجة هي مقدمة لنفسها.
- قبول هذا السؤال يناقض النتيجة التي توصلنا إليها بالدليل المنطقي.. ونقض النتيجة المثبتة غير ممكن.
- فيما يخص العدم والوجود، فإن التقسيم إلى خالق ومخلوق أمر حتمي كما ثبت، وتداخلهما خطأ منطقي، حيث أنه يلزم للاستدلال المنطقي أن لا تتداخل المفردات من حيث الدلالة، فالخلط في الدلالة بين الخالق والمخلوق يعد خللا في التفكير المنطقي.
فما المشكلة؟ وكيف يكون الخالق موجودا وليس له موجد؟
الإجابة هي أن هذا الخالق يجب أن يكون أزليا (ليس له بداية) لكي يستقيم المنطق، وهو ليس كالمخلوق (الكون) الذي يمكننا إثبات أن له بداية بالأدلة العلمية كالقانون الثاني من الديناميكا الحرارية والانفجار الكبير وغيرهما.
النتيجة: وجود خالق أزلي للكون.
أنواع المغالطات المنطقية
مغالطات أخرى
- توكيد اللازم (Affirming the consequent): الإيمان بأن النتيجة تثبت السبب.
- حجة السذاجة (Argument from incredulity): أن تبني حجتك على أساس أن (هذا لا يصدق!) أو (هذا غير معقول!). لو صح هذا النوع من الاحتجاج لانتهت الفيزياء الكمية.
- إثبات السالب (Negative proof): الاحتجاج بوجود كائن لأنه لا دليل على عدم وجوده، أو عدم وجود كائن لأنه لا دليل على وجوده: الخالق غير موجود لأن ليس لدينا دليل ملموس على وجوده.
- حجة الكذب (Argumentum ex culo): جميع أنواع الحجج المبنية على التلفيق أو الكذب.
- حجة لكل غرض (Ad hoc): استخراج أدلة وتفسيرات بشكل شبه عشوائي لتفسير الظواهر الجديدة بدلاً من استخدام الوسائل المنطقية السليمة. عادة ما نحتاج لتوليفة من المغالطات المنطقية من أجل وضع هذه التبريرات.
- حجة الإصرار (Argument by assertion): الإيمان بأنك لو قلت شيئاً مراراً وتكراراً فسوف يصبح الأمر في النهاية من الحقائق والمسلمات.
- المراوغة (Equivocation): أن تقوم عمداً باستبدال معنى كلمة معينة في سياق معين بمعنى مأخوذ من سياق آخر.
- التشبيه الخاطئ (False analogy): القيام بتشبيه أو تناظر بين شيئين ثم تعميمه ليشمل أشياء تثبت القضية.
- حبيب أمك (Argumentum ad cellarium): ضرب الخصم مباشرة على أساس أنه لا يزال في حضن أمه ولا يعلم شيئا عن العالم الخارجي.
- تسميم البئر (Poisoning the well): محاولة دحض الحجة من خلال التشكيك بصدق المحاور.
- وأنت كذلك (Tu quoque): رفض النقد الموجه بحجة أن مقدم النقد هو أيضاً متهم بالقضية.
- مناشدة حكمة الأولين (Appeal to ancient wisdom): القضية صحيحة لأن قبائل المايا أو الصينيين أو الفراعنة قالوا كذلك من آلاف السنين.
- مناشدة التقاليد (Appeal to tradition): الأمر صحيح لأنه قائم ومتعارف عليه في المجتمع.
- مخاطرة جاليليو (Galileo gambit): لو ناقض أحدهم الرأي العام فلا بد أن يكون على حق لأن جاليليو ناقض الرأي العام وكان محقاً.
- إثبات المستلزمات (Begging the question): افتراض صحة النتائج كجزء من المعطيات.
- الخلط بين العلاقة والسببية (Confusing correlation for causation): عدد القراصنة في المحيطات في تناقص ودرجة حرارة المحيطات في ارتفاع، وهذا يعني أن القراصنة هم من يبردون المحيطات.
- مغالطة التزامن (Post hoc, ergo propter hoc): إذا كان س حدث قبل ص فلا بد أن يكون س هو سبب حدوث ص.
- مغالطة المصوب الدقيق (Texas sharpshooter fallacy): أن تجمع الأدلة التي تؤيد نظريتك وتتغاضى عن الأدلة التي تناقض النظرية بدلاً من النظر في جميع الأدلة.
- مغالطات التجميع والتقسيم (Composition and division): الخلط بين ما هو صحيح بالنسبة للكل وما هو صحيح بالنسبة للجزء.
- مغالطة الارتباط (Association fallacy): ربط صفات إحدى المجموعات بصفات مجموعة أخرى وذلك لوجود تشابه في بعض الصفات الأخرى غير الهامة أو التي اشتركت بها المجموعتان بمحض الصدفة.
- معضلة خطأ (False dilemma): تصوير الوضع وكأننا بين خيارين لا شيء بينهما ولا ثالث لهما.
- مضخة البديهيات (Intuition pump): تعمد إساءة استخدام القصص الفكرية من أجل إثبات النقاط الغلط.
- افتراضات مسبقة (Presupposition): وضع افتراضات ضمنية غير مثبتة كجزء من الحجة.
- نتيجة لا تتبع السبب (Non sequitur): من أهم المغالطات المنطقية وهو الادعاء بأن "س ← ص" في حين أن في الواقع س لا يسبب ص.
- تجسيم (Reification): التعامل مع الأفكار المجردة وكأنها أشياء حقيقية. على سبيل المثال، اعتبار الذكاء كعضو من أعضاء الإنسان.
- حجة المترتبات التي لا تطاق (Argument from adverse consequences): النقاش ضد نقطة بحجة أن مآلات صحتها لا تطاق وبالتالي من الأفضل رفض النقطة دون الحاجة لنقاش صحتها.
- احتجاج خاص (Special pleading): أن تؤمن بأن وجهة نظرك الخاصة تحتاج لمعايير خاصة تختلف عن المعايير التي تقيم بها وجهات النظر الأخرى دون مبرر.
- أسلوب أهم من المحتوى (Style over substance fallacy): استعمال اللغة التعبيرية الجميلة لإضافة الاستحسان للفكرة لا لصحتها.
- نقاش حتى الغثيان (Argumentum ad nauseam): الإيمان بأن استمرارك في نقاش الفكرة لوقت طويل سيحقق لك الفوز بعد أن يشعر خصمك بالغثيان الذي يمنعه من الاستمرار بالنقاش.
- احتكام للعواطف (Emotional appeal): تقييم الحجة بناءً على نتائجها العاطفية بدلاً من نتائجها المنطقية.
شارك هذه الصفحة مع الناس، فواللهِ لَأن يُهدى بك رجلٌ واحدٌ خيرٌ لك من حُمْرِ النَّعَمِ.